رائد السينما الواقعية
يعد توفيق صالح واحدا من أهم مخرجي الواقعية في السينما المصرية.. وهو مخرج مصري متميز، له لغته البصرية الخاصة ورؤيته الفكرية الناضجة
وعلى الرغم من قلة أفلامه التي أنتجها للسينما المصرية فقد ظل المخرج الكبير توفيق صالح من أعم مخرجي السينما المصرية على مر تاريخها
وتظل أفلام توفيق صالح التي أخرجها خلال عمله السينمائي من أهم أفلام السينما المصرية التي أنتجت خلال المائة عام الأخيرة
مولده ونشأته
ولد المخرج الكبير توفيق صالح بالإسكندرية في 27 أكتوبر عام 1926 وتخرج في جامعة الإسكندرية كلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية
وعندما كان توفيق صالح لا يزال طالبا في كلية الآداب بجامعة الإسكندرية، قام بإخراج مسرحية توفيق الحكيم ( رصاصة في القلب )وتم عرضها في جمعية الصداقة الفرنسية هناك. ولأن العرض كان رائعا قرر الملحق الثقافي الفرنسي بالإسكندرية إرسال توفيق صالح إلى فرنسا لدراسة فن المسرح لمدة عام ، و فعلا سافر في منحة لدراسة السينما في باريس عام 1950
عاد توفيق صالح عام 1953من فرنسا وقد درس المسرح، وأطلع تقريبا على كل فروع الفنون في أوروبا ومنها السينما التي ظل يقرأ عنها هناك بشغف وحب، حتى انه عندما عاد كان تقريبا قد درس السينما أيضا ولكن بشكل حر ومنفرد معتمدا على نفسه
أفلامه
أخرج عددا من الأفلام القصيرة، قبل أن تتاح له الفرصة لتحقيق فيلمه الطويل الأول "درب المهابيل " يميل إلى تقديم الأعمال الأدبية وأغلب أفلامه من إنتاج القطاع العام في مصر وسورية والعراق.
على مدار أربعون عاما من العمل في الحقل السينمائي، قام توفيق صالح بإخراج سبعة أفلام روائية طويلة فقط، كان آخرها فيلم "الأيام الطويلة" 1980 الذي تم تصويره بين سوريا والعراق والذي لم يعرض في مصر حتى الآن... وأنجز للمؤسسة العامة للسينما في سورية الفيلم الروائي الطويل (المخدوعون) الذي حاز على عدة جوائز.
درب المهابيل وأول أفلامه
وعندما فكر في تقديم أول فيلم قابل الروائي العالمي الراحل نجيب محفوظ وقد اقترح عليه فكرة فيلم (درب المهابيل) الذي كتب له السيناريو وأخرجه توفيق صالح عام 1955 من بطولة شكري سرحان وبرلنتي عبد الحميد في أول ظهور سينمائي لها
و لذلك كان أول أفلامه "درب المهابيل" و كان الفيلم يتناول بشكل واقعي ما يحدث في أحدى الحارات المصرية، من خلال شخصيات ذات أنماط مختلفة يجمعهم مستوي اجتماعي ومعيشي واحد. وبرغم حصول هذا الفيلم على جائزة من الدولة في مجال الإخراج، إلا انه –كغالبية الأفلام الجادة في هذه الفترة- لم يلق استحسان الجمهور والنقاد
توقف توفيق صالح عن العمل لمدة سبع سنوات تقريبا، حتى عام 1962 عندما قدم فيلم ( صراع الأبطال) والذي تناول صراع الشعب المصري مع مرض الكوليرا في أثناء فترة الاحتلال الإنجليزي . وحصل به علي جائزة وزارة الثقافة كأحسن مخرج وكان من بطولة شكري سرحان وسميرة أحمد
وتوقف بعد ذلك ستة أعوام عاد بعدها و أخرج ثلاثة أفلام وهي
فيلم (يوميات نائب في الأرياف) المأخوذ عن قصة توفيق الحكيم وبطولة أحمد عبد الحليم وراوية عاشور.
ثم أخرج فيلم ( المتمردون ) عام 1968 عن قصة للصحفي صلاح حافظ وبطولة شكري سرحان وزيزي مصطفي
فيلم ( السيد البلطي ) وقام بإخراجه عام 1969م عن قصة وسيناريو وحوار صالح مرسي وبطولة عزت العلايلي وسهير المرشدي.
توفيق صالح في سوريا والعراق
وقد سافر توفيق صالح للعمل خارج مصر فسافر إلى سوريا وقضى بها حوالي أربعة سنوات قام فيها بإخراج فيلم( المخدوعون) 1972 من تأليف الكاتب الفلسطيني غسان كنفاني، والذي تناول فيه القضية الفلسطينية.
ومن تمثيل عدنان بركات وسناء دبسي وظل طوال سنوات الفيلم الوحيد الذي يتناول مأساة الشعب الفلسطيني حتى أخرج يسري نصر الله فيلم "باب الشمس" عام 2004
انتقل بعد ذلك إلى العراق في عام 1973 حيث سافر لتدريس السينما في بغداد وهناك أخرج عام 1981 فيلم ( الأيام الطويلة ) عن طفولة صدام حسين وعاد إلي مصر عام 1984
المخدوعون
في أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات من القرن الماضي وقع اللوم والتقريع العنيف على المخرج السينمائي الكبير ( توفيق صالح ) لأنه لجأ إلى سوريا في إنتاج فيلمه ( المخدوعون )1972 ويقدم الفيلم بالوثيقة والرواية صورة صريحة عن الأوضاع السياسية والاجتماعية التي تحيط قضية هؤلاء الفلسطينيين وتحكم حولهم الحصار بحيث تبدو محاولتهم يائسة وتدور في الفراغ.والفيلم أنتجته المؤسسة السورية للسينما
ولم يكن أمام( توفيق صالح) من طريق آخر في ذلك الوقت سوى الذهاب إلى سوريا ومن بعد ذلك إلى العراق ليخرج هناك فيلمه ( الأيام الطويلة )1980 كي يستطيع الحياة بكرامة بعد أن أوصدت أمامه كل الأبواب في بلاده.
وفيلم المخدوعون بطولة عبد الرحمن القرشي وبسام لطفي وصالح خلقي، وتصوير بهجت حيدر وموسيقى صلحي الوادي. كما حصل الفيلم على الجائزة الذهبية بمهرجان قرطاج للأفلام العربية والأفريقية سنة 1973، واختير كواحد من أهم مائة فيلم سياسي في تاريخ السينما العالمية.
أحلام لم تتحقق
لم يتمكن توفيق صالح خلال أكثر من عشرين عاما من إنجاز العديد من المشاريع السينمائية منها فيلم عن (عصر المسيح )
ويعتبر توفيق صالح السينمائي الوحيد في مجموعة "حرافيش" الكاتب الراحل نجيب محفوظ. وقام بالتمثيل في فيلم "إسكندرية كمان وكمان" للمخرج يوسف شاهين عام 1991.
توفيق صالح كمان وكمان
يقيم توفيق صالح حاليا في مدينة القاهرة، وهو متوقف عن العمل تماما منذ ذلك الوقت، مكتفيا بعمله كأستاذ غير متفرغ لمادة الإخراج في المعهد العالي للسينما بالقاهرة. ولأن ما كتب عن توفيق صالح وأفلامه- برغم ثراءها الفني والفكري- كان قليلا جدا، فقد قام الناقد السينمائي محسن ويفي بتأليف كتاب خاص عنه صدر عن صندوق التنمية الثقافية متناولا فيه كل ما يخص المخرج الكبير الذي أستطاع برغم قلة عدد أفلامه أن يترك بصمة واضحة في تاريخ السينما في مصر.
وقد حصل المخرج السينمائي الكبير / توفيق صالح علي جائزة الدولة التقديرية عام 1998
تم تكريم المخرج الكبير توفيق صالح مؤخرا خلال الدورة السادسة من مهرجان مراكش الدولي للفيلم مع الممثلة الأميركية المعروفة ( سوزان ساراندون ) وذلك في النصف الثاني من عام 2006م